أم العيال" تنزعج من "الشيب" والصبايا يرينه علامة "الوسامة والنضج"
«رجال يتشببون» بـ«اللون الأسود» ويتباهون أمام زوجاتهم! عدوى «صبغة الشعر» تنتقل إلى «جيل السكسوكة»
جدة، تحقيق ــ منى الحيدري
عالم التجميل بكل أسراره وخلطاته السحرية يظل المكان الخاص بالمرأة، وتحاول من خلاله إعادة الزمن قليلاً إلى الوراء؛ في محاولة منها لكسب بعض من الوقت؛ لترميم آثار الزمن الذي استوطن مساحات جمالها رغماً عنها، فتحاول حقنه ب"أكسجين الحياة المتجدد"، والذي يأتي في عدة صور تجميلية كحقنة "البوتكس" أو "الكولاجين" أو شفط الدهون وتنسيق القوام، أو إضافة بعض الألوان الجذابة للشعر، وكأنها بذلك تحاول تسجيل ميلاد جديد لعمرها الحقيقي داخل صالونات التجميل.
وجه آخر لهذا العالم في "صوالين الحلاقة الرجالية"، والتي يرتادها بعض الرجال سراً وبعيداً عن أعين المتطفلين؛ بسبب خصلات الشعر البيضاء التي تناثرت فوق رؤوسهم دون استئذان منهم، فيحاولون القضاء عليها بالاستعانة بعبوات الصبغات المتعددة الماركات والألوان، مرددين بصمت قول "أبو العتاهية":
ألا ليت الشباب يعود يوماً .. فأخبره بما فعل المشيب!
ترى لماذا يعتبر بعض الرجال ظهور "الشيب"العدو الأول لهم؟، بالرغم أنه يعتبر من المظاهر الدالة على الوقار والحضور الأنيق، بل إن البعض قد يراه مشكلة؛ فيشعرون بالصدمة والحرج لمجرد ظهور تلك الخصلات البيضاء، فتبدأ رحلة بحث لا نهاية لها عن كل ما قد يكون عونا لهم في إخفاء ما يحدثه الزمن من تغيرات على مظهرهم العام.
«العلاقة الجنسية» تكشف عن «صبغات التدليس».. و«الرافضون» يرفعون «راية البياض» من بدري
رجل شايب
يقول "حامد الغامدي" في العقد السادس من عمره، وتزوج مؤخراً من أرملة تصغره بأعوام: إن الصبغة تعتبر من مظاهر الجمال المستخدمة منذ القدم للنساء والرجال، فقد كان أجدادنا يستخدمون "الحنا" لصبغ اللحية والشعر؛ ولكن مع التطور الذي طال كل شيء في حياتنا؛ أصبحنا نستخدم الصبغة لإخفاء "الشيب" والذي يزعج المرأة قبل الرجل، مفسراً ذلك بأن الشيب يُشعر الزوجة بأنها متزوجة من رجل كهل غير قادر على أداء حقوقها الزوجية؛ خاصة إذا كانت من الزوجات الغيورات وتحب أن تعرف قريباتها أن زوجها لازال في عنفوان شبابه.
وأضاف بدأت باستخدام الصبغة في سن الأربعين؛ لأن الشيب بدأ ينتشر بشكل كبير في رأسي، وكانت زوجتي الأولى تنزعج مني في كل مرة أصبغ فيها شعري دون أن تبدي الأسباب؛ وعندما قررت الزواج بعد وفاتها كانت معظم الأسر ترفضني لأنني رجل "شايب" في نظرهم؛ فعدت لصباغة شعري عند "كوافير" متخصص؛ ثم أصبحت بعدها زوجاً للمرة الثانية بعد الصبغة بأسبوع واحد.
الغامدي: زوجتي تتباهى بصبغة شعري أمام قريباتها وتشعرهن بعنفواني!
لا أخلع "الطاقية"
وأضطر "م.إبراهيم بخاري" 35 عاماً من مدينة تبوك، إلى تنفيذ رغبة زوجته في صبغ شعره بعد أن اكتسائه باللون الأبيض؛ لأنها تشعر بأنها زوجة لرجل طاعن في السن؛ مما جعله يصف الشيب بالمشكلة المستعصية لجميع الأزواج أمثاله، متمنياً أن يجد الطب علاجاً سريعاً للحد من ظهوره نهائياً، وقال: رغم أنني اعتدت على رؤية شعري المتمازج بالخصلات البيضاء منذ كان عمري عشرين عاماً؛ إلا أن زوجتي لا تحب ذلك لدرجة أنني لا أخلع "الطاقية" إلا عند النوم؛ ثم أضعها فوق رأسي بمجرد أن أصحو، عندها تتحول زوجتي في لحظات إلى "كوافيرة" متمرسة -وهي أفضل من الحلاق-، وأجلس أمامها فتبدأ بوضع الصبغة السوداء بمهارة على خصلات شعري البيضاء؛ ولا أملك سوى الاستسلام ومتابعة تحولات شعري الكيميائية إلى اللون الأسود.
أنتظر الشيب
ويرفض "هشام أبو العينين" الصبغات بمختلف أنواعها واستخداماتها للرجال، سواء أكانت على شعر الرأس أو لتحديد "الذقن" و"الشارب"، فهو يعتبر المراحل العمرية التي يمر بها الرجل لها خصوصياتها وملامحها الجميلة، والخصلات البيضاء التي تظهر إحدى تلك الملامح التي ينتظرها بفارغ الصبر ليستمتع بكل لحظة فيها.
دون إضافات
وتقول "ميسانه باوزير" إنه لا مانع من الصبغة إذا كانت الضرورة تستدعي ذلك، مع الأخذ في الاعتبار ألا يكون ذلك من باب الوجاهة والتجميل المبالغ فيه، مشيرةً إلى أن أكثر النساء يحببن رؤية أزواجهن كالرجال المتصابين، والذين يحاولون أن يعيدوا عقارب الزمن إلى الوراء بصبغة تخفي وراءها أعمارهم الحقيقية، وبالنسبة لي فأنا أحب أن أعيش مع زوجي في كل مراحل حياته دون إضافات فلكل عمر ملامحه الجميلة.
لفت الانتباه
وتصف "فدوى الصالح" 29 عاماً والمعلمة في مركز متخصص لذوي الاحتياجات الخاصة؛ أن الصبغة التي يستخدمها الشباب والرجال في مختلف أعمارهم ب"الغش الاجتماعي" والذي ينكشف سريعاً بمجرد النظرة الأولى، واصفةً مستخدمي الصبغة بالمرضى النفسيين الذين لا يشعرون بالثقة بأنفسهم، فيلجؤون إلى صبغة ذقنهم وشعرهم للفت الانتباه.
وأضافت أنها عندما تغمض عينيها؛ تتخيل رؤية خصلات الشعر البيضاء في شعر فارس أحلامها، وتعتبرها إحدى شروط الارتباط بزوج المستقبل، فوجود تلك الشعيرات البيضاء مؤشر للنضج العقلي لكل من يتقدم لطلب يدها؛ لأنها تشعرها بالارتباط برجل راجح العقل.
علامة وسامة
وتقول "فايزة منابري" إن سن الأربعين للرجال هو سن الياسمين لديهم، وهذا يعني أن لا حاجة لهذه الصبغات والتي لها أضرارها على بصيلات الشعر، ذاكرةً أن الخصلات البيضاء ظهرت في سن مبكرة لدى زوجها وهو في عمر الثلاثين؛ ورغم ذلك لم تشعر بالانزعاج، ولم تحاول معالجة ذلك بالصبغات السوداء؛ فهي تعتبر "البياض" إحدى علامات الوسامة في زمن أصبحت ألوان الصبغات تعتلي رؤوس الرجال بشكل عام.
دور الوراثة
ويؤكد "د.محمد الحامد" استشاري الطب النفسي أن ظهور الشعر الأبيض في العادة يكون مؤشراً للفناء؛ والذي يخشاه كل الناس ويحاولون محاربته بشتى الوسائل، إضافةً إلى دور الوراثة في ظهور خصلات الشعر البيضاء والعوامل النفسية التي تلعب دوراً أكبر في استنزاف صبغات الشعر؛ وخاصة حالات الضغط النفسي، حيث يستنزف موارد الجسم بشكل عام والتي منها الصبغة الرئيسية لبصيلات الشعر الطبيعية لدى الإنسان، مستشهداً بالإنسان الذي يتعرض للضغوط النفسية الشديدة، والذي ربما يشيب أسرع ويبيض شعر رأسه وحاجبيه وذقنه أكثر من غيره.
وأضاف أنه من المتعارف عليه أن الكثير من الرجال الذين يحتفظون بصبغات شعرهم الطبيعية لفترة طويلة يكونون أقل تعرضاً لضغوط الحياة النفسية؛ فهم أكثر استقراراً، أو أن طبيعتهم حالمة وهادئة ولا تميل للعصبية والتوتر والعنف؛ بمعنى آخر أنه متصالح مع نفسه، وقد تظل صبغة شعره محتفظة بلونها لفترة طويلة قد تصل إلى العقد السادس من عمره؛ في الوقت الذي نرى فيه شبابا في الثلاثينات وقد امتلأت رؤوسهم بخصلات الشيب.
الضغوط النفسية
وأوضح "د.الحامد" أنه نظراً لطبيعة المرأة العاطفية والتي تجعلها أكثر قدرة وتحملاً للشدائد من الرجل؛ فقد تتعرض لظهور الشيب أكثر من الجنس الآخر، مع الإشارة إلى أن ذلك يعود لنوعية الضغط الذي يحدث ومدى ما يحدثه من تغيرات بدرجات متفاوتة على بصيلات الشعر؛ في الوقت الذي نفى فيه أن تكون الصدمات النفسية العنيفة بمختلف أنواعها سبباً لحدوث الشيب فجأة لدى عموم الناس، وذلك حسب الدراسات المتخصصة في هذا المجال.
وأضاف أن التفسير الطبيعي للجوء الرجال للصبغات؛ يعود للمفهوم السائد لهذه التغييرات فربما كانت هذه الخصلات البيضاء مؤشراً لضعف طاقته الجنسية عن فترة شبابه؛ مما قد يشعره بالنقص ويشعر شريكته "المرأة" بأنه سيصبح أقل عطاء في العلاقة الحميمة الخاصة بينهما؛ فيحاول الرجل أن يهرب من هذا الإحساس إلى الصبغات الملونة للشعر ليخفي هذا الشعور كنوع من التعويض النفسي، لافتاً إلى أن للشعر الأبيض جاذبية لدى بعض الفتيات الصغيرات اللواتي يتعلقن بالرجل ويرتبطن به بسبب تلك الخصلات البيضاء.
لا توجد أضرار
ويؤكد "د.قاسم محمد" استشاري الأمراض الجلدية أنه في الغالب لا توجد أضرار صحية لاستخدامات الصبغات بشكل عام؛ لأن المواد المصنوعة منها تمت الموافقة عليها وفق الاشتراطات الصحية العالمية، ولكن قد تحدث بعض أعراض للحساسية للجلدية؛ والتي تكون حول الرقبة وعند الأذنين؛ خاصة إذا استخدمت بشكل دائم إضافة لحدوث بعض الجفاف والتقصف لأطراف الشعر.
وقار للرجل
ويقول "د.عبد الله الجفن" الباحث الإسلامي إن صبغة الشعر بالنسبة للرجال فيها جانب كبير من التشبه بالنساء؛ لأنها تعتبر من الأمور المتعمد فعلها دون حاجة ملحة لذلك، مضيفاً أن خصلات الشعر البيضاء تضفي نوعاً من الوقار على الرجل، ورغم ذلك أمر الإسلام الرجل بالتجمل للمرأة حتى تشعر أنها مرغوبة من جانب شريك حياتها؛ ولا تشعر بالانهزام عند رؤيتها لبياض شعره، مما يعني أن الصبغة للرجل أصبحت مطلبا ضروريا يساعد في تنشط مشاعر الزوجة تجاه زوجها؛ وسيجعل بيت الزوجية ترفرف عليه السكينة، مشيراً إلى ضرورة ألا تصبح صبغة الشعر نوعا من أنواع التدليس في مسألة الزواج.